Dr. Hassan Mohamed Hassan الإرشاد العقلي الانفعالي السلوكي للاعبين

Dr. Hassan Mohamed Hassan الإرشاد العقلي الانفعالي السلوكي للاعبين

إستراتيجية الإعداد النفسي والتدريب العقلي للرياضين

مقدمة: لاشك أن الطريقة التي ندرك بها الأشياء وليس الأشياء في ذاتها هي التي تثير مخاوفنا وتحدد سلوكنا أي أن الأفكار والمعتقدات التي يكونها اللاعبين عن الأشياء والمواقف الرياضية هي التي تثير الاضطرابات النفسية والقلق والتوتر لديهم. ومن هنا فأن الأفكار والمعتقدات السلبية التي يكونها اللاعب عن ذاته وعن الآخرين المحيطين به وعن البيئة التي يعيش فيها هي السبب الرئيسي في تشكيل أفكار ومعتقدات اللاعب. ومن هذا المنطلق فإن الإرشاد العقلي الانفعالي السلوكي يستخدم أساليب معرفية وانفعالية وسلوكية كإستراتيجية للإعداد النفسي للاعبين تعمل على مساعدة اللاعبين في التغلب على ما لديهم من أفكار ومعتقدات سلبية والتي يصاحبها اضطراب في سلوك وشخصية اللاعبين واستبدالها بأفكار ومعتقدات إيجابية منطقية تساعدهم على التوافق النفسي مع مجتمعهم وبيئتهم الرياضية.

والجدير بالذكر أن علماء النفس الرياضي كان اهتمامهم في بداية الأمر منصباً على تعديل سلوكيات اللاعبين غير المرغوب فيها، واستبدالها بسلوكيات مرغوب فيها دون الاهتمام بالجوانب العقلية المعرفية لدى اللاعب بحجة أنها عوامل داخلية لا يمكن إخضاعها للملاحظة ولكن هذا لم يستمر طويلاً فسرعان ما تحول اهتمامهم إلى دراسة الجانب العقلي المعرفي لدى اللاعب معترفين بأهمية العوامل المعرفية في نشأة فكر وانفعال وسلوك اللاعب، وإن تعديل أفكار ومعتقدات اللاعب السلبية تؤدى بطبيعة الحال إلى حدوث تغيير في انفعالاته وسلوكه ومن هذه الخلفية فإن الباحث يسعى من خلال هذه الورقة البحثية إلى وضع أساليب مقترحة معرفية وانفعالية وسلوكية كإستراتيجية للإعداد النفسي يمكن من خلالها السيطرة والتحكم في أفكار ومعتقدات اللاعب السلبية، ومن ثم العمل على استبدالها بأفكار ومعتقدات أكثر منطقية وإيجابية تساعد اللاعب على تنمية وتطوير مستوى الأداء الرياضي.

المفاهيم الأساسية للإرشاد العقلي الانفعالي السلوكي للرياضيين:

ينظر الإرشاد العقلي الانفعالي السلوكي إلى الطبيعة الإنسانية على أن الفرد كائن حي وإنسان في المجتمع ولكن يعتريه بعض الازدواجية بمعنى أن اللاعب لديه ميل على أن يسلك بطريقة ايجابية وهو في نفس الوقت لديه ميل إلى أن يسلك بطريقة سلبية وان الاضطرابات الانفعالية والسلوكية التي يعانى منها اللاعب ترجع إلى أفكاره السلبية ومن ثم يمكن مساعدته في التغلب على هذه الأفكار واستبدالها بأفكار أكثر ايجابية ومنطقية. وأن معظم المشكلات النفسية لا تنجم عن ضغوط خارجية بل تأتى من وجود الأفكار والمعتقدات الخاطئة التي يعتنقها اللاعب نتيجة لنقص المعلومات والأفكار الصحيحة لديه، بمعنى أن السبب الحقيقي وراء الاضطرابات النفسية هو اللاعب ذاته وليس ما يتعرض له من خبرات فشل في حياته الرياضية.

الافتراضات والمسلمات التي يقوم عليها الإرشاد العقلي الانفعالي السلوكي للاعبين:

أن التفكير والانفعال يمثلان وجهان لشيء واحد فلا يمكن النظر إلى أحدهما بمعزل عن الأخر، حيث أن هناك بعض الأساليب التي تثير الانفعال، كما أن هناك بعض الأساليب التي تساعد على التحكم فيه ويعتبر التفكير واحد من تلك الأساليب وان ما نسميه بالانفعال ما هو إلا نوع من الفكر الذي يتسم بالتحيز والتطرف لدى اللاعب.

أن اللاعب لديه ميل للتفكير بشكل ايجابي وسلبي فعندما يسلك ويفكر بطريقة إيجابية يكون فعالاً ومنتجاً وعندما يفكر بطريقة سلبية يشعر بالخوف والقلق والتوتر خلال المنافسة الرياضية ومن هنا فعلى اللاعب أن يعمل على تنمية طرق تفكيره الايجابية.

أن الضغوط النفسية التي يعاني منها اللاعب هي نتاج أفكاره ومعتقداته الخاطئة والسلبية والتي تشكل البناء المعرفي لديه.

أن التفكير السلبي يرجع إلى مرحلة الممارسة الرياضية في السنوات الأولى من العمر (الناشئين) وإلى التربية الأسرية والبيئة والمدرسة والمربي الرياضي.

يجب مواجهة الأفكار السلبية لدى اللاعب من خلال المناقشة والإقناع والشرح والتوضيح وتزويده بالأفكار الايجابية والمنطقية.

الأداء الرياضي للاعب مرتبط باستجابات الآخرين وهذا التوقع كعملية معرفية له تأثيره على قلق وتوتر المنافسة لدى اللاعب.

يعزو اللاعبين مشكلاتهم واضطراباتهم الانفعالية والسلوكية إلى الآخرين والى الأحداث الخارجية ومن ثم تكون الاضطرابات الانفعالية والسلوكية لديهم قائمة على أحكام خارجية غير واقعية تؤدى إلى نتائج سلبية.

يميل بعض اللاعبين إلى استخدام بعض الإستراتيجيات الدفاعية ضد أفكارهم وسلوكهم وذلك حفاظاً على ذواتهم، بمعنى أنهم يميلون إلى عدم الاعتراف لأنفسهم أو للآخرين بأن سلوكهم وتفكيرهم خاطئ وأكثر سلبية.

الأسس التي يقوم عليها الإرشاد العقلي الانفعالي السلوكي للاعبين:

يقوم الإرشاد العقلي الانفعالي السلوكي للاعبين على الأسس التالية:

الأسس العامة:

يقوم الإرشاد العقلي الانفعالي السلوكي على مراعاة السلوك الإنساني واحترام حق اللاعب في الإرشاد النفسي وتقبله تقبلاً غير مشروط ومساعدته في الاستمرار في عملية الإرشاد والتوجيه.

أسس فسيولوجية: وهى تفترض أن اللاعب يولد ولدية نزعة قوية إلى أن كل شيء يريده ينبغي أن يحدث على أحسن وجه في حياته الرياضية، وإنه إذا لم يحصل على ما يريده فورا فأنه يسخط على ذاته وعلى العالم من حوله، وبذلك يكون تفكيره سلبي.

أسس اجتماعية وانفعالية: وهى تعنى ضرورة أن يكون اللاعب لديه قدراً من الاتزان الانفعالي فلا تكون انفعالاته مبالغ فيها وحادة ولا تكون بسيطة حيث يكون اللاعب متبلداً انفعالياً.

بالإضافة إلى أن يكون لدى اللاعب القدرة على بناء علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين وأن يكون محبوباً ومرغوباً فيه ولكن ليس بالضرورة أن يكون جميع الناس يحبونه.

أسس نفسية: وهي تشير إلى أن الاضطرابات الانفعالية لدى اللاعب تكون مرهونة بنسق أفكاره ومعتقداته السلبية غير المنطقية، كما تتضمن أيضا وجود علاقة إرشادية مهنية بين الأخصائي النفسي الرياضي واللاعب أساسها الدفء والاهتمام مما يساعد على مقاومة الأفكار والمعتقدات السلبية لدى اللاعب والشعار الرئيسي في هذا المنحى أننا نخدم اللاعب ونحترمه ولكن لا نحترم أفكاره السلبية التي تؤثر بطبيعة الحال على مستوى الأداء الرياضي لديه.

أهداف الإرشاد العقلي الانفعالي السلوكي للاعبين:

الكشف عن الأفكار والمعتقدات السلبية لدى اللاعبين والتي هي المصدر الأساسي في اضطراباتهم الانفعالية.

مساعدة اللاعبين في التغلب على الأفكار والمعتقدات السلبية واستبدالها بأفكار جديدة ايجابية وذلك من خلال مناقشة وتحليل وتفنيد أو دحض الأفكار السلبية لدى اللاعب.

تزويد اللاعب بالمعلومات والأفكار الايجابية الصحيحة التي تعينه على التوافق النفسي في حياته الرياضية وتحسين مستوى الأداء الرياضي لديه.

مواجهة الأفكار السلبية لدى اللاعب ومساعدته على التوقف عنها وحمايته من هذه الأفكار السلبية في المستقبل.

إكساب اللاعب المفاهيم التربوية النفسية الصحيحة من خلال نشر الوعي الثقافي التربوي النفسي لدى المهتمين بالتنشئة الرياضية للاعبين.

إستراتيجيات السيطرة على الأفكار والمعتقدات السلبية للاعبين:

ما الأفكار التي تدور في عقلك قبل المنافسة؟ هذا السؤال مهم وحاسم لنتائج الأداء في السباق… إن الاكتشافات العلمية لعقل الإنسان تبدو مذهلة… فالأفكار التي تشغل بها وكل كلمة تقولها خلال (5-10 دقائق) قبل السباق يمكن أن تؤثر بدرجة كبيرة في أدائك.

يفكر الإنسان حوالي 50000 فكرة أو كلمة في اليوم، وأن نوعية الأفكار تزداد أهميتها في الرياضة حيث يتأثر الأداء بجزء من المائة للثانية. نحن نعرف العديد من المشكلات التي ترتبط بالاتجاه السلبي، مثل الخوف، التهديد، ضعف الثقة… وهكذا.

إذا كنت تعتقد وتثق في أهمية العقل في الرياضة فإن جميع خبراتك تحفظ في بنك الذاكرة Memory- Bank وتذهب إلى العقل اللاشعوري Subconscious Mind الذي يقوم بدور مركز التحكم لجميع الحركات ويعمل مثل الكمبيوتر ويبرمج بواسطة الأفكار والكلمات والعبارات التي تختارها.

إن نتائج الأداء تتحدد بوساطة نوعية الأفكار (البيانات) التي تبرمج عقلك. إذا كانت جميع الأفكار سلبية قبل السباق فإن النتيجة المتوقعة تكون سلبية كذلك… ومن ناحية أخرى إذا كان برنامج عقلك إيجابياً، ومتحرراً من العوائق العقلية فإن فرصتك كبيرة جداً لتحسن النتائج. والسؤال هل أنت راض عن نتائج أدائك أم يمكن تطويرها نحو الأفضل؟

أحد الطرق الأفضل للتغلب على الأفكار السلبية قبل السباق إعادة تركيز العقل على شيء إيجابي باستخدام عبارات التوكيد والإثبات. فعلى سبيل المثال: السباحة العالمية فورت ميرز Fort Myers كانت تردد كلمات قليلة إيجابية (5-10 دقائق) قبل السباق، وذلك يفيد في تحقيق شيئين هامين: تركيز العقل على شيء إيجابي، ومنع الأفكار السلبية من البرمجة قبل السباق. ومن أمثلة عبارات التوكيد “القوة والسرعة” “الإيقاع الدقيق”، ويمكن أن يستخدم كل رياضي العبارات المناسبة له… إن البطل العالمي للملاكمة محمد علي كلاي كان يردد دائماً أنا الأعظم Iam The Greatest وكان لذلك تأثير كبير على تحقيق الفوز.

إذا كنت ترغب في تحديد عبارات إيجابية يجب أن تكون قصيرة، بسيطة أو إيجابية وتجنب استخدام عبارات سلبية (لا أخسر المباراة).

هناك محاولات عديدة تمت بواسطة المهتمين بالإعداد النفسي بهدف تحديد الأفكار والمشاعر التي يتميز بها الرياضيون الناجحون مقابل الرياضيين الأقل نجاحاً قبل وأثناء المنافسة. ماذا يفكرون؟ ومتى؟ وما تأثير ذلك على الإعداد الفعلي والأداء؟

ويستفيد الرياضي من استخدام إستراتيجيات التفكير في تحقيق أمرين هامين:

تحسين عملية المعلومات وتدعيم التعلم والتذكر.

التأثير الإيجابي على الانفعالات: (نقص القلق، تركيز الانتباه، الاحتفاظ بالتذكر، مواجهة الضغوط).

أحد المشكلات الشائعة التي تواجه اللاعبين افتقادهم إلى المعرفة أو المهارات العقلية فضلاً عن كيفية تطبيقها على نحو صحيح، كما يتوقع وجود اختلاف كبير في إستراتيجية التفكير بين الرياضيين وفقاً لنوع الرياضة، وهذا يجعل من الصعوبة التوصل إلى بروفيل نفسي، أو نموذج للأساليب العقلية أو أفضل أسلوب يستخدم مع جميع اللاعبين.

إن أحد القرارات الصعبة التي تواجه المتخصص النفسي الرياضي تحديد إستراتيجية التفكير المناسبة، بعض اللاعبين عندما يستخدمون المهارة العقلية يعانون من التشتت وضعف التوافق في الأداء، أو ما يطلق عليه عجز التحليل، لذلك من الأهمية تذكر ثلاث نقاط هامة لإستراتيجية التفكير للمنافسة:

أولاً: المهارات العقلية مثل المهارات الرياضية تحتاج إلى التعلم والتمكن ويتطلب ذلك الوقت.

ثانياً: يتوقع أن يتم تعلم واكتساب اللاعب للمهارات العقلية مع بذل القليل من الجهد والتفكير.. بينما في أوقات أخرى يصعب عليهم تحقيق ذلك نتيجة العبء النفسي والذهني والبدني في التدريب.

ثالثاً: يختلف اللاعبون في حاجاتهم لاستخدام أنماط معينة من الإستراتيجيات المعرفية، بعض الأساليب العقلية ملائمة للعديد من الأنشطة الرياضية، بينما البعض الآخر يصلح لبعض الأنشطة الرياضية فقط، وأحد الأدوار الرئيسية للمتخصص النفسي أو المدرب المؤهل مساعدة اللاعبين اختيار وتعلم الإستراتيجيات العقلية الأفضل لاحتياجاته.

 

كتب / أ م د . حسن محمد حسن 

Information

P-Sport combines a world class education, an exclusive sport development program and life skills opportunities in a uniquely professional context.

Verified Certificate